من أساليب التربية في القرآن الكريم: التزام الوقت

التزام الوقت يدلُّ على أن صاحبه دقيق في عمله، ملتزم بأدائه في وقته، صادق في وعده، حريص على كسب ثقة الآخرين، وأخيراً يعرف قيمة الوقت واستغلاله فيما ينفع، وضرره إن لم يستفد منه. وقد قيل قديماً في التزام الوقت والاستفادة منه: "الوقت كالسيف إن لم تقطه قطعك".

والقرآن الكريم حافل بالآيات الشريفة التي تحضُّ على استغلال الزمن، وسباقه في الوصول إلى الهدف الصحيح، قبل أن يأتي وقت لا ينفع فيه الندم. فالله سبحانه وتعالى خلق الكون كله في أيام ستةٍ، أرضَه وسماءَه، وما بينهما فقال: "اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ"، وكرر هذه الآية لفظاً ومعنىً، أو معنىً فقط سبع مرات في كتابه الكريم، مع أنه سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى الزمن في أفعاله "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".

فلماذا خلقهما في ستة أيام إذن، وألزم نفسه هذا الزمن؟ أليس فَعَلَ هذا ليعلّم عباده التوقيتَ لكل أمرٍ، والاستفادة منه وعدمَ تضييع الزمن الذي تمضي عقاربه إلى الأمام، ولا تعود أبداً إلى الوراء؟ بلى إنه سبحانه "عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ".

وعلى الرغم من أن الله سبحانه خالق الزمن والمتصرف فيه "وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ" فقد فرض على نفسه التزام الزمن كي لا يترك للكافرين والمشركين ثغرة للتخلص من عاقبة كفرهم وإشراكهم؛ فهو سبحانه يوبخ الكافرين الضالين الذين لم يعرفوا قدر الله تعالى وعظمته بأن هذا الكون العظيم من صنعه. فإلى أين يتيهون؟ وقد خلقه في أزمان حدّدها ورتّبها ترتيباً رائعاً؟ "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا".

وهؤلاء الكفار يكذبون أنبياءهم، ويسخرون منهم، ومن تهديدهم بالعذاب، ويستعجلون العذاب الأبدي الذي واعدهم الأنبياء بهم، فهل يأتيهم العذاب سريعاً؟ لا، فالله سبحانه وتعالى حدّد لهم يوماً لا مناص منه، "وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ"، "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".

والبشر هم الذين يغضبون وينفعلون فيبطشون، ولكنَّ الله الحليم، وإن غضب يلتزم بالموعد الذي حدده لهم، وأنذرهم إياه "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا".

والكفار يستفزّون الأنبياء ويصفونهم بالكذب، وإلا- على زعمهم- فلماذا لا يأتيهم العذاب؟ أين هو ومتى يكون؟ فيجيبهم القرآن الإجابة نفسها: "وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ"، ولهم أجل محدد يرجأون إليه "فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ".

مشكووووووووور على الموضوع الجميل ده
تسلم ايدك

مشكور علي الموضوع
جزاك الله خيرا

» احمد سعد " قصص الحيوان فى القرآن " Cd Q 320Kbps
» حكم قراءة القرآن في الصلاة من المصحف
» سلسلة مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم
» اخي الكريم سوف يتم وضع كل يوم 5 مواضيع حتى اتم 20 شكر
» كلمات من القرآـن الكريم..~!